الصـرع

التعريف :

الصرع ؛ مرض عصبي يتميز بنوبات من فقدان الوعي ترافقها اختلاطات متعممة . وتستمر النوبة فترة قصيرة ثم تزول . أم الفاصلة بين نوبة وأخرى فقد تكون بضعة أشهر في الحالات الخفيفة ، بينما يمكن أنَّ تحدث النوبة بضع مرات في اليوم الواحد وذلك في الحالات الشديدة .

الأسـباب :

للصـرع أسباب وراثية وأسباب مكتسبة .

(أ) الأسباب الوراثية:

إنَّ للوراثة علاقة أكيدة بهذا المرض ، ويمكن أنَّ تكون هي السبب في كل حادثة لا يكتشف فيها إصابة عضوية في الدماغ .

(ب) الأسباب المكتسبة:

ويقصد بها الأسباب غير الوراثية التي يكتسبها المريض مـن العوامل المرضية المختلفة . وهي أسباب كثيرة ... أهمها :

  1. التشـوهـات الخلقـية فـي الجمـلـة العصـبيـة المـركـزيـــة ؛ مـثـل اسـتسـقـاء الـرأس ، ويُسـمى (Hydrocephalus ) .
  2. بعض أمراض الدماغ ؛ كالخراج الدماغي ، والأورام الدماغية ، والتهابات الدماغ ، وكسور الجمجمة التي تؤثر على الدماغ .
  3. بعض الأمراض العامة ؛ مثل اليوريمية ، والتسمم بالكحول أو بغاز الفحم ، والحميات الحادة في الأطفال ، ومضاعفات تصلب الشرايين (ارتفاع الضغط والنزف الدماغي والصمة الدماغية ). 
  4. بعض الأدوية لها علاقة في إحداث الصرع إذا أعطيت بمقادير كبيرة ، مثل السلفاثايازول ، والستركنين ، والادرينالين ، والكافور ...

الأشكال والأعراض :

قبل أنَْ تحدث نوبة الصرع ، تسبقها حالة مخبرة - تخبر المريض عن قدوم النوبة - تسمى (النسمة Aura. ) . وتتجلى مظاهرها بأشكال عديدة من الاضطرابات الحسية ، كأن يشم المريض رائحة خاصة أو يسمع أصواتاً غريبة أو يرى أشكالا أو أشباحاً خاصة أو يشعر بطعم غريب في فمه ... وأحياناً تكون بشكل حس مزعج في إحدى مناطق البدن ، أو بشكل نفخة كالريح - ومنه تسميتها بالنسمة - . وعليه يمكن تعريف النسمة بأنها الاضطرابات الحسية التي تتقدم نوبة الصرع والتي تـنبيء عن قرب ظهور النوبة المفاجئ .

هذا وإن للصرع أشـكالاً عـديدة ، أهمها :

أولاً - الصـرع الكبير :

قد تكون النسمة في هذا الشكل غير موجودة أحياناً ، وتمر حوادثه بثلاث مراحل ؛ فقدان الوعي ، والإرتجاجات ، وعودة الوعي .

يبدأ فقدان الوعي فجأة ويرافقه فقدان الحركة ، فيسقط المريض بشكل تشنجي ويظهر الزبد على الفم ، وقد يعض المريض لسانه كما قد يتبول أو يتغوط . وتستمر هذه المرحلة حوالي الدقيقة الواحدة .

وأخيرا تبدأ فترة الهدوء فيصبح التنفس عميقاً ويعود الوعي تدريجيـاً ... وتنتهـي النوبـة . وعندما يصحو المريض يكون في حالة ذهول ولا يذكر شيئاً مما جرى .. ولكنه يشعر بصداع شديد يدفعه للنوم العميق ، ليستفيق بعدها وقد عاد طبيعياً . وبعض المرضى يستطيع أنَّ يعود إلى أعماله الاعتيادية بعد انتهاء النوبة مباشرة .

 

ثانيـاً: الصرع الـدائم :

وفي هذا الشكل تتعاقب النوبات بصورة مستمرة دون فاصلة ، فيبقى المريض فاقداً وعيه بشكل دائم مع حدوث نوبات اختلاجية بين حين وآخر ولهذا فإن المريض قد يموت نتيجة للجهد العضلي العصبي الدماغي . وعليه فإن هذا الشكل من الصرع شديد الخطورة ويستوجب الإسراع في المعالجة ونشير إلى أنَّ الحرارة ترتفع فيه كثيراً.

ثالثاً - الصرع الجزئي :

يسمى أيضاً (صرع جاكسون )، وتكون النسمة فيه واضحة ويتبعها ذهول واضطراب في الذاكرة دون أنَّ يفقد المريض وعيه ، وتظهر اختلاجات وتشنجات عضلية في موضع واحد من الجسم فقط ، ثم تنتشر إلى الأقسام المجاورة .

رابعاً - الصرع الصغير :

ويدعى كذلك (الغياب الصرعي ) والنسمة فيه قد تكون مفقودة ، وهي إنْ ظهرت كانت خفيفة . ويتميز هذا الشكل باضطراب بسيط في الوعي لعدة ثوان فقط ثم يعود المريض طبيعياً رأسا . وهكذا فإن الصرع الصغير يختلف عن الأشكال السابقة بعدم فقدان الوعي وعدم ظهور الاختلاجات . وقد تحدث هذه النوبة دون أنَّ يشعر بها أحد ولا تؤثر على سير عمل المريض . فمثلاً يكون المريض واقفاً بين رفقائه وهو يتكلم في موضوع مهم ، وفجأة يتوقف عن الكلام بضع ثوان ، يعود بعدها لتكملة حديثه طبيعياً ... وقد يلاحظ عليه لشحوب الوجه أثناء توقف الكلام .

إنَّ الصرع الصغير يبدأ عادة منذ الطفولة ويستمر حتى دور المراهقة وعند ذلك إما أنَّ يشفى أو أنَّ يتحول إلى الصرع الكبير .

المعالجـة :

قد يبقى المصاب سنوات ، في مأمن من حدوث النوبة ما دام مستمراً على تعاطي الدواء ، فإذا قطعه ... أصبح مهدداً بحدوثها في أي وقت كان . ويتبين من هذا أنَّ الصرع ليس له معالجة شافية قطعية . ويمكن اختصار ما يمكن قوله في المعالجة ؛ بالنقاط التالية:

  1. إنَّ المعالجة السببية هي المعالجة الأساسية في حالة معرفة السبب ، ولكن اكتشاف السبب ليس بالأمر اليسير . 
  2. والأدوية المفيدة في الصرع كثيرة ، ولكل منها استطباتاته الخاصة بحسب الأشكال السريرية المختلفة للمرض .
  3. يوصى المريض بتغيير وظيفته أو صنعته إنَّ كان فيها خطر على حـياته عـند حـدوث النوبة ، كأن يتجنب قيادة السيارات أو الاقتراب من المكائن الضخمة أو الوقوف على المرتفعات عند مزاولة أعمال البناء أو الهندسية ... وماشـابه .

 

  1. أما عند حدوث النوبة؛ فإن كل ما يمكن أنَّ يُجرى للمريض ؛ هي الأمور التي سنأتي على ذكرها عند التحدث عن التمريض .

التمـريـض :

لا حاجة للمريض بدخول المستشفى إلا في الحالات الخطرة ، كما في الصرع الدائم مثلاً أو في الحالات التي تتكرر فيها النوبات بفترات قصيرة يتعذر معها إسعافه في كل مرة . وعند ذلك يكون بحاجة إلى تمريض خاص .

ونبحث تمريض المصروعين في حالتين ؛ حالة النوبة وحالة الراحة :

(أ) في حالة النوبة:

إنَّ الأمور التي سنذكرها هنا ليست خاصة بالممرضة وحدها ، بل إنها من الأمور التي يمكن تطبيقها على المريض في بيته ، ولذلك فهي تهم أهل المريض أيضاً أو الأشخاص الذين هم بتماس معه .

وإن إسعاف المريض أثناء نوبة الصرع لا يتطلب أكثر من :

  1. وضع قطعة قماش أو قطعة خشب بين الفكين لمحافظة اللسان من العض الشديد .
  2. بذل الجهد لمنع الاختناق بمفرزات الفم والبلعوم (وخاصة عند الأطفال ) وذلك بإزالة هذه المفرزات جهد الإمكان أو إمالة الرأس جانباً على الأقل محافظة المريض لكي لا يتعرض للاصطدام بشيء يؤذيه أثناء الارتجاج .
  3. إبقائه في مكانه على هذا الوضع إلى أنْ تنتهي النوبة تلقائياً.

هـذا ... وعلى الممرضة أنَّ تقدم للطبيب معلومات كافية عن النوبة ، تشمل : وقت حدوث النوبة ، ومدتها ، والمكان الذي حدثت فيه ، مع وصف كامل للنوبة نفسها ؛ من ناحية كيفية حدوثها ، ونوع الاختلاجات وشدتها ، وخروج الزبد ، وما إذا كان قد رافقها قيء أو عض اللسان ، أو أنَّ المريض قد تبول أثناء النوبة .

- وهذه المعلومات ضرورية كذلك بالنسبة للمرضى غير الراقدين في المستشفى ، ومن واجب ذوي المريض تسجيلها وعرضها على الطبيب المعالج.

(ب) حالة الراحـة:

ويُقصد بحالة الراحـة ؛ الفترات بين النوبات . وخلالها يُستحسن أنَّ يقضي المريض وقته بأعمال خفيفة يتلهى بها ، كأن يساعد في توزيع الطعام على مرضى الردهة مثلاً أو يساعد المرضى في الأعمال البسيطة . وأثناء ذلك يجب أنَّ يبقى بعيداً عن الأماكن الخطرة ، التي يصاب فيها بأذى إنَّ حدثت له نوبة فجأةً ، فيلزم أنْ لا يقترب مثلاً من مواقد النار أو الأجهزة الكهربائية أو الدرج أو غيرها . وإضافة إلى ما سبق فعلى الممرضة أنْ تنتبه إلى إعطائه الأدوية الموصوفة له مواعيدها المحـددة .